مهما تبدلت اهواء الموضة وتنوعت الصيحات التي تحملها سواء في مجال الاناقة الرسمية او الكاجوال، تبقى هناك تلك الملامح الثابتة التي تميز كل من منصات لندن عن نيويورك وميلانو. لكل من هذه المدن العريقة، أسلوب ولكل منها فلسفة خاصة لمفهوم الاناقة والكياسة.
ففيما تشتهر الدور البريطانية بذاك الطابع الذي يفيض كياسة ويقترن بصورة رجل الداندي الانكليزي، تتسم جاراتها في ايطاليا بتلك الخطوط التي تجمع بين الكاجوال والرسمي. أما نيويورك، فترسم خطها بشكل مستقل، بعيدا من أهواء اوروبا وميولها وتفضيلاتها وتأثيراتها. تقدم تفسيرا مختلفا لمفهوم الاناقة. وذلك يبدو واضحا ليس فقط لجهة الخطوط والقصات، بل ايضا لجهة القطع بذاتها.
على اي حال، من لا يرغب في الاكتفاء بما تحمله الدور ويرغب في القاء نظرة على ما يحمله المدونون وينشره عارضو الازياء على صفحات مواقع التواصل الاجتماعية، يلاحظ ان رجل اليوم يبحث بلا كلل عما يخدم اطلالته وانه لم يعد يقف موقف المتفرج من الصيحات والتفاصيل، بل أخذ يغازلها عبر تبني لمسات تخدم اطلالته. فبعكس ما كان الحال سابقاً، لم يعد اعتماد الالوان او الاكسوارات او النقوش المبتكرة يتطلب بذل الكثير التضحيات او التحلي بمقدار عالٍ من الجرأة. وهذا ما يدفع باستمرار المصممين في كل انحاء العالم على خوض منافسة الابتكار والتجدد، بما يخدم هذا الرجل العصري الذي يخصص ميزانيات لخزانته، فيبقيها متجددة ويضمن لنفسه صورة خالية من الشوائب. في هذا التقرير،نسلط الضوء على مجموعة من القطع المميزة التي قدمتها دور عريقة تشتهر بأساليبها المبتكرة التي تبقىضمن أطر الكياسة والرقي.
البذلة المبتكرة: حين نتحدث عن الابتكار، نعني الخروج عن تلك الخطوط المملّة للبذلة. أي تلك الملامح التي تجعلها تقع في فخ الرتابة، إن لناحية اعتماد القميص الابيض او البذلة بلون واحد وبقصة جامدة. فالمصممون أيقنوا ان الرجل يحتاج الى الابتكار ضمن هذه القطعة. فخزانته، بعكس خزانة المرأة، لا تحتمل إدخال الكثير من القطع بقصات مجنونة وبوتيرة متسارعة ولا محدودة. لذلك، نرى في هذا الموسم البذلة المخصصة للأناقة الرسمية التنفيذية، تحت المجهر. تخضع للتطوير والتعديل باستمرار. فتحمل خامات فاخرة من الصوف الانكليزي، ونقوش تبعد عنها عامل التكرار. فعلى سبيل المثال، قدمت دار “هاكيت مايفير” العديد من النماذج المبتكرة التي يمكن ان تشق طريقها بسهولة الى خزانة الرجل العصري وحتى الكلاسيكي، رجل الانشغالات الكثيرة. لابعاد الملل والرتابة عن البناء العام للبذلة، اعتمدت الدار نقوشا جديدة، تتركز بشكل اساسي على نمط المربعات البارزة باللون الاحمر. أما البذلات فتتمحور على ثنائية الازرق والرمادي وهما اللونان الاكثر رواجا في هذا الموسم، علما ان البذلة اطلت بثلاث قطع.
السترة الجلدية: صحيح انها ليست قطعة جديدة كلياً، لكن دورا عريقة منها “سلفاتوري فيراغامو” قدمتها بتصميم جديد. أعطتها تعريفا مختلفا ونسّقتها بشكل غير مسبوق. فرأيناها تقدم قطعة تجمع بين السترة الجلدية والمعطف العسكري في آن واحد، مما يمنحها بعدا عملياً وجمالياً. فالطول الذي يصل الى تحت حدود الخصر بقليل، يعزز الطابع الكاجوال، فيما الخامة تعكس رونقا لا مثيل له خصوصا اذا اجاد الرجل تنسيقها مع الخامات المناسبة. في المقابل، رأينا دار “لوي فويتون” تلعب على الشكل المربع والقصير لهذه السترة، لكي تعزز فلسفة ارتداء طبقات متعددة. كما جعلتها خالية من التفاصيل والخطوط التي تحاكي انحناءات الجسم، لكي تعطيها مظهرا اكثر رسميا.
المعطف الصوفي: يعتبر من الخامات التي شهدت حضورا لافتا على المنصات هذا الموسم. الصوف تحول الخامة التي لا بد منها في خزانة الرجل لهذا الموسم والمواسم المقبلة. اما المعطف الصوفي الطويل، فبدى اشبه بقطعة مبتكرة، تتمتع بخطوط مسترخية. إما ان يأتي فضفاضاً او يكتسب حدودا اوضح. في كل الاحوال، إن هذا المعطف كفيل بقلب المقاييس في الاطلالة، إذ انه بمكن ان يغلف بذلة رسمية او يكمّل اطلالة كاجوال. الامر يعتمد على الخيال في عملية التنسيق.
الالوان النابضة: كفيلة في بث الحياة في مظهرك. إذا كنت صاحب بشرة سمراء، جرّب هذه الحيلة الآن. يمكنك ان تنسق الازرق النابض مع الرمادي على سبيل المثال. رصدنا نموذجا رائعا لدى دار “هاكيت”. أما دار “بيرلوتي” الفرنسية العريقة فقد طعّمت مجموعتها بالاخضر النابض. بدا لونا مثاليا يكمّل اللون الرمادي الى ابعد حدود. فصحيح ان الرمادي بتدرجاته المختلفة يعتبر لون الموسم بامتياز، لكن يبقى هناك رغبةجامحة لدى الكثير من الرجال في تلوين اطلالاتهم لئلا تأتي شاحبة. هذا الامر تلقّفته بدورها دار”سلفاتوري فيراغامو” التي لوّنت مجموعتها بالاحمر البرغندي، لم تكتف بإضافة أوشحة ملونة، بل استخدمت هذا اللون لتزيّن المعاطف والسترات بريشة البرغندي التي حولت الخامات أشبه بلوحات كانفا. لاضفاء توازن بصري وتناقض لوني على القطعة، عمدت الى اختيار المعاطف بألوان حيادية.
المعطف الواقي من المطر: صحيح ان دار”بيربيري برورزوم” الانكليزيةكانت أول من اطلق هذه القطعة ولا تزال تعمل على تطويرها في كل موسم، لكنها ليست الوحيدة على الساحة اليوم، إذ عمدت العديد من الدور على تقديم هذا المعطف بأساليب وخطوط وقصات متنوعة.مهما تبدلت النسخة، يبقى ان المعطف هل التنسيق، إذ يمكن اعتماده في اطلالة رسمية تنفيذية أي مع بذلة. كما يمكن ارتداؤه في عطلات نهاية الاسبوع مع سروال جينز. يكفي أن تعمد الى اللعب على أسلوب ربط الحزام، لكي تتنقل بين الرسمي والكاجوال.
