Home » لندن واجهة أهل الخليج الأولى
سياحة

لندن واجهة أهل الخليج الأولى

علاقة غريبة تجمع أهل الخليج بالعاصمة البريطانية لندن، فهي من الوجهات المفضلة لديهم. قد يبتعدون قليلاً ويزورون عواصم أخرى، لكنهم يعودون دائماً بخفي حنين.
في كل عام يتوافد أكثر من مليون ونصف المليون عربي إلى لندن، غالبيتهم من الخليجيين. يدأب العرب بشكل عام وأهل الخليج بشكل خاص على زيارة لندن منذ سنوات عديدة، وتطورت العلاقة هذه بعد الطفرة الاقتصادية في دول الخليج وانفتاحها على الاستثمار في بريطانيا؛ ليتحول الرابط من حب من طرف واحد إلى غرام متبادل.
علاقة النخب السياسية ببريطانيا
البداية تعود إلى تاريخ الاستعمار البريطاني لمنطقة الخليج، فهذا الرابط نادراً ما يختفي، فتجد اللبناني يجد في فرنسا «أمه الحنون»، حاله حال التونسي والجزائري. أما الخليجي فيرتبط ببريطانيا بشكل عام ولندن بشكل خاص. علاقة توطدت مع ارتباط النخب السياسية الخليجية بأكاديمية ساندهيرست البريطانية. أجيال من العائلات الحاكمة تخرجت من هذه الأكاديمية، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ملك البحرين حمد بن عيسى، وأمير قطر تميم بن حمد ووالده الأمير السابق حمد بن خليفة والسلطان العماني قابوس بن سعيد.
الود السياسي مع النخب انعكس بطبيعة الحال على الشعوب، فكانت الألفة المتبادلة. ولا يقتصر الأمر على ود سياسي، فالاستثمارات الضخمة بين دول الخليج العربي وبريطانيا ساهمت في جعلها مقصداً دائماً لهم.
خصوصية لندن
حين يزور أهل الخليج بريطانيا، فهم يقصدون لندن فقط، ونادراً ما تراهم في مدن أخرى مثل مانشستر أو بيرمينغهام. ورغم أن التاريخ يلعب دوره، لكن رفاهية هذه المدينة تشكل عامل جذب كبير. للغة دورها الأساسي أيضاً، فأهل الخليج يجيدون الإنكليزية بشكل عام أكثر من أي لغة أخرى. كما أن موقع لندن القريب من العواصم الأوروبية يجعل التعريج على دول أخرى أكثر سهولة. وللطقس أهميته خصوصاً حين ترتفع درجات الحرارة في دول الخليج إلى مستويات قياسية، فيقصد هؤلاء عاصمة الضباب؛ طمعاً برذاذ مطر ونزهة سيراً على الأقدام.
ومع منع النقاب في فرنسا تضاعف إقبال الخليجيين على لندن خلال السنوات الماضية. فارتفع عدد الزوار السعوديين بنسبة 22 % سنوياً مقابل زيادة 10 % للإماراتيين.

التبضع
يعشق أهل الخليج متجر هارودز، فهو من الأماكن المفضلة لديهم. ورغم أن دول العالم تمتلك متاجر تضاهي أو تتفوق على هارودز في الفخامة، لكنه يبقى المفضل بالنسبة إليهم لسبب أو لآخر. بالإضافة إلى هارودز يعد متجر سيلفردج العريق من الأماكن التي تشهد إقبالاً خليجياً كثيفاً بشكل دائم. ولأن بريطانيا تدرك أهمية الزبون الخليجي قامت بإنشاء لجنة استشارية للمتاجر؛ لتقديم النصائح حول خصوصية التعامل مع الزبون الخليجي خصوصاً حين تكون زوجته برفقته.
حتى أن المطاعم والفنادق والمراكز التجارية تدأب على توظيف عدد من المتحدثين بالعربية؛ من أجل التواصل مع الزبائن العرب. يقدر مجموع ما ينفقه أهل الخليج على التسوق في بريطانيا سنوياً بأكثر من 1.5 بليون جنيه إسترليني، وهو أضعاف ما ينفقه أي سائح من أي جنسية كانت. فمثلاً يبلغ متوسط ما ينفقه المتسوق البريطاني في جولة تسوق في محل تجاري واحد 120 جنيهاً، السائح الأميركي ينفق 550 جنيهاً، أما الخليجي فينفق ما يقارب 1900 جنيه. أرقام تظهر عشق الخليجي للتسوق، واستعداده لصرف مبالغ ضخمة لشراء ما يعجبه.
استعراض السيارات
تتحول منطقة غرب لندن كل عام إلى معرض للسيارات الفارهة. كلٌّ يقوم بشحن سياراته الفخمة إلى لندن؛ حيث تتحول إلى حديث الصحف والتلفزيونات، التي باتت تخصص مساحة لأسطول السيارات الخليجية الفارهة. السكان باتوا على موعد مع هذا الحدث أيضاً، فتجدهم ينتظرون وصولها لالتقاط الصور والسيلفي مع السيارات الخارقة.
سعوديون وكويتيون وإماراتيون وقطريون يستعرضون سياراتهم، كلٌّ يسعى للحصول على لقب «أفضل سيارة». استعراض شجعته وسائل الإعلام البريطانية التي تفند أسعارها ومميزاتها. فتارة تخصص مقالاً لسيارة مرصعة بكريستال سوارفكسي، وطوراً لرانج روفر من الذهب الخاص. وهكذا يجد الشاب الخليجي نفسه أمام حشود من الناس التي تحدق به وبسيارته وعدسات الكاميرات تلاحقه من كل حدب وصوب.. نجم للحظات.
لكن سلوكيات بعض السائقين دفعت بسكان كينغزتون وتشيلسي إلى الاحتجاج بسبب القيادة المتهورة في الشوارع الداخلية، أو بسبب الموسيقى المرتفعة أو لركنها كيفما اتفق سواء كانت المساحة تلك مخصصة للسيارات أم لم تكن. شكاوى دفعت بالبلديات إلى التشدد في العقوبات التي باتت تبدأ بغرامة، وتنتهي بالمقاضاة والحجز على السيارة.

لرمضان حصته
لم يعد السائح الخليجي يقصد لندن خلال فصل الصيف فقط، بل بات هناك ما تسميه وسائل الإعلام البريطانية «فورة نشاط رمضان». هذه الظاهرة منجم ذهب للمتاجر في لندن، حيث يقبل الزائر الخليجي للتبضع قبل رمضان وللترفيه عن نفسه قبل شهر الصوم. فتتسابق المحال لتقديم ما يلبي ذوق السائح الخليجي الذي لا يستسيغ الأمور المألوفة، فهو يبحث عن المنتجات النادرة. حتى أن المحال التجارية في لندن تقوم كل عام بتقديم موعد المبيعات الصيفية إلى شهر مايو.
وبعيداً عن مراكز التسوق، يعتبر مقهى «كافيه روج» من المقاهي المفضلة للخليجي، بالإضافة إلى «باتسيري فاليري»، فتجدهم يتسابقون لحجز كرسي للجلوس والتمتع بأجواء لندن المفعمة بالحياة والحركة. «شارع إدغوير رود» الذي تنتشر فيه المقاهي قام بتخصيص جلسات خارجية للسائح الخليجي، فتجد الشيشة والمأكولات الشرقية بالإضافة إلى الموسيقى العربية.

وهكذا يجد السائح نفسه مدللاً في مدينة سخرت طاقاتها كاملة لإرضائه دلالاً، يجعله لا يتردد في زيارتها كلما سنحت له الفرصة.